Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
INARA
16 novembre 2011

قراءة في الوضع السياسي الدولي الراهن

 قراءة في الوضع السياسي الدولي الراهن

نزار القريشي

إن غضب الشارع العربي من المحيط إلى الخليج بات يفترض  خضوع الأنظمة العربية لمطالب شعوبها بشكل فوري، أمام تصاعد مد الاحتجاجات إن هي أرادت  الاصلاح، غير أن النظام السوري يراهن على قتل المتظاهرين العزل أمام أنظار العالم، فدمشق لم تلتقط الإشارات بوضوح، إذ أن الفيتو الروسي- الصيني جاء بناء على توجهات حلف "بريكس" واللاتقاطع الحاصل في علاقاته مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ، لأن المخزون السوري من النفط ضعيف،مما يفند خلفية المصلحة الاقتصادية وهو ما يعزز من جانب آخر حربا باردة جديدة بعد الانتهاء من مواجهة دامية مع الإرهاب الدولي  وكشف شفراته السرية في كل مكاتب الاستخبارات الغربية، وقد تأكد ذلك بعد مقتل بن لادن. فانتقال الإرهاب الدولي من قواعده الخارجية والمتحركة  إلى قواعده المحلية يوفر إمكانيات واسعة على الأرض لبناء عمليات جديدة في منطقة الصحراء الكبرى والساحل، ومناطق طالبان باكستان حيث مساحة المناورة شاسعة وتمتد إلى داخل أفغانستان بسبب الاثنية المركبة بين  عرقية البشتون والطاجيك،بعيد الاشتباه في تورط أجنحة أمنية في هذه العمليات، وهذا ما تحاول الجزائر نهجه في المنطقة، لأن الهدف المثالي لاستخباراتها هو حفظ النفي من تثبيت تورط جناح من أجنحتها العسكرية في اللعبة .فأولوية الدولة عند بعض جنرالات الجزائر تدعو إلى عمليات يقوم بها مجندين من فلول البوليساريو و الطوارق ردا على محاولات لتشتيت البولساريو من الداخل إقليميا ودوليا. إلى ذلك، فالاستخبارات العربية المثقلة باحتجاجات شعوبها تريد تحويل الأنظار في هذه المرحلة إلى الملف الإيراني في محاولة لبرمجة الضغط الدولي على طهران، مما يشير إلى خلط مكشوف للأوراق، غير أن واشنطن من عاداتها قراءة الأوضاع جيدا، وهو ما يفسر تكثيف العقوبات على سوريا والضغط على عبد الله صالح يسير في نفس المنحى، فاحتمال انتقال الحالة الثورية إلى حدود طهران يقتضي ضرورة سقوط نظام بشار الأسد، غير أن إدارة البيت الأبيض غير صارمة مع حكومة صنعاء المتورطة  في جرائم ضد شعبها، فواشنطن لا تعلم أن تجميد الوضع في اليمن غير وارد خدمته لمصالحها الإستراتيجية المستقبلية في المنطقة، لآن موسكو وبكين تدخلان على الخط وتناوران في هكذا ملفات، وهذا ما تجلى داخل مجلس الأمن أثناء التصويت على قرار فرض عقوبات على سوريا، مما يؤكد أن اللاتقاطع في المصالح الإستراتيجية هو المحرك الأول لخطوط السياسة الدولية.

إلى ذلك، إن السياسة كمتوالية هندسية تعزز إمكانيات توسيع نفوذ حلف "بريكس" وراء الحديقة الخلفية للولايات المتحدة، فكاراكاس وبرازيليا وبيونس إريس غير متحفظين ، ومن جهة أخرى نيودلهي وكبطاون كذلك. ليتبين أن الوضع العالمي بات يفرض على واشنطن توسيع شراكتها مع الاتحاد الأوروبي،مما يفسر التناغم بين تصريحات كلنتون وآشتون، ويؤدي  إلى ضرورة دعم اليونان والبرتغال وإطاليا للحفاظ على مستوى قيمة الأورو داخل المجموعة الأوروبية والنظام المالي العالمي.الملاحظ أن الصراع سيشتد حول الأسواق وأبحاث الفضاء، وهو هدف  مشترك من أولويات عدة عواصم على رأسها بكين  و طوكيو  و تل أبيب و برلين و موسكو و واشنطن، غير أن تأثر أوروبا بأزمتي لشبونة وأثينا والاحتجاجات حول السياسة الاقتصادية لول ستريت ، قد يعيد الأزمة الاقتصادية العالمية إلى مربعها الأول، وهو ما تريده الصين وتؤكده الاحتجاجات هنا وهناك، مما يفسر كيف أن الوضع العالمي مفتوح على نزاعات جديدة تعزز بؤر التوتر التي تغذي جوانب لمصالح هي بالضرورة متناقضة ومتصارعة فيما بينها ستعمل على رسم ملامح عالم  بأقطاب متعددة وقوية في أفق خمسين سنة القادمة.

نزار القريشي باحث في العلوم السياسية
Publicité
Commentaires
Publicité
Archives
Publicité