Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
INARA
5 octobre 2010

كلمات/أشياء

11062كلمات/أشياء
العسكري دوس سانطوس أية علاقة؟
أبدا لم يبحث خالد العسكري حارس الجيش عن دور البطولة في الفيلم الذي تبدع المواقع الإلكترونية عبر العالم في إخراجه بصيغ مختلفة، كاريكاتورية أحيانا وساخرة أحيانا أخرى، وما أظن أنه خطر ببال خالد العسكري ولا حدس أن تأخذ الأمور هذا المنعرج الغريب في حياته، إلى الحد الذي تجعله اليوم مصمما على قرار إعتزال اللعب مهما كان الثمن ومهما بلغت العواقب من فداحة..
وجد الرجل مرة أولى نفسه بطلا لأغرب ضربة جزاء ترجيحية في تاريخ كرة القدم العالمية، وقد بات شكلها ومضمونها محفوظا لكل عشاق كرة القدم في العالم، بل ولكل الذين تستهويهم الغرائب والطرائف التي تترصد لها المواقع الإلكترونية، وتجرع الرجل مرارة الذي حدث بشجاعة كبيرة شجعه على ذلك محيطه داخل نادي الجيش وبخاصة مدربه عزيز العامري الذي لم يأبه لكل الذي أريق من مداد ساخر وعاتب على ذاك الذي حدث وأبقى الثقة كاملة في خالد العسكري الذي إنتظم في حضور المباريات.
وظننت شخصيا أن الرجل قفز برباطة جأش وبإيمان قوي بالقدر خيره وشره ذاك المطب الغريب الذي لم يكن مرتبا له على الأقل من الناحية النفسية، بخاصة لما قدم العسكري مباراة قوية أمام الوداد بالدارالبيضاء وقاد الجيش إلى تعادل كبير.
إلا أنه كانت هناك أشياء مترسبة في وعاء الذاكرة تخلخل الوعي وتهيئه لحالة إنفعالية متفجرة، كان ما توقعنا أن العسكري قد أخمده من حرائق التوثر والإنفعال والإنكسار وما سيطر عليه من ألم وحزن ومعاناة، قد نزل إلى قعر الوعي، لم يكن في حالة موت سريري ولكنه كان في حالة غيبوبة مؤقتة، فالأمر أشبه ما يكون بأحجار مشتعلة تنام للحظة تحت الرماد..
ولأن المسافة الزمنية لم تطل بين الذي كان مع ضربة الجزاء الترجيحية الأغرب في تاريخ كرة القدم العالمية وبين الخطأ الشنيع الذي سيرتكبه خالد العسكري في مباراة الجيش والنادي القنيطري، إلى الحد الذي يسمح بالقول أن ما نزل إلى قعر الوعي والذاكرة من حالات إنفعالية شديدة الإنفجار قد أصبح فاقدا للجدوى، فإن خالد العسكري سيجد نفسه مأخوذا كرها إلى شيء غير متوقع بالمرة، أن ينزع قميصه ويلقي به أرضا ويتوجه أمام إندهاش زملائه على الخصوص إلى مستودع الملابس، ردة الفعل تلك برغم أنها إرادية وبرغم أن العسكري أتى بها وهو في تمام وعيه، إلا أنها في محتواها النفسي تقول بأن العسكري كان في حالة سيكولوجية خطيرة جدا، بدليل ما عاشه الرجل عندما إختلى بنفسه في مستودع الملابس، فقد ركبته كل عفاريت الدنيا، خرج عن طوعه وعن ذاته، وكان قريبا من أن يرتكب حماقة في نفسه أولا..
ولئن كنت أتفق على وصف ما حدث بأنه كان تهورا وإستسلاما وضعف إرادة، وبأنه أيضا خذلان وخروج عن روح الجماعة أو ما شئنا أن نسميه لغرائبيته، إلا أنني أصر على أن نربط كل الذي حدث بالسياق النفسي الذي جاء فيه، وأصر أكثر على أن نأخذ الأمر على أنه تنبيه خطير وقوي إلى ما نسكت عنه كثيرا عندما يكون اللاعب وهو المحور الأساس في معادلة اللعبة معرضا لدمار نفسي قوي بسبب حادث يكون ظاهره عرضيا وباطنه صيرورة لأحداث متلاحقة..
هذا اللاعب الذي يعتبر أهم رقم في معادلة إنتاج الفرجة الرياضية التي نجعلها اليوم مقوما من مقومات التنمية الإقتصادية والمجتمعية، لا يجب أن نهتم فقط بالجوانب التقنية والبدنية والتكتيكية فيه، فهناك جانب نضحي في الغالب به، مع أنه جانب إستراتيجي، هو الجانب النفسي الذي له علاقة قوية بذهنية هذا اللاعب، بقوة شخصيته، بشجاعته وبجرأته وأيضا بقدرته على تصريف الضغط مهما كان قويا..
وكثيرا ما كنت أقف في ضبط مسببات أزمة النتائج الظرفية وحتى المستدامة أحيانا عند الجانب النفسي، فالفريق الذي لا يؤطر نفسيا بالشكل الضروري بخاصة عند توالي النتائج السلبية هو فريق مخرب تقنيا وبدنيا وتكتيكيا لأنه فريق فاقد للثقة بنفسه وبقدراته، واللاعب الذي يسجل بعد صعود صاروخي نزولا حادا في عطائه، هو لاعب مصاب نفسيا وذهنيا، ولا أستطيع أن أحصر عدد الفرق التي شيعت إلى متوى الأقسام المظلمة بسبب عطل قوي في المحرك الذهني ولا حتى عدد اللاعبين الكبار الذين أفرزتهم الطبيعة أو قدمتهم أعين راصدة ولاقطة، وانطفأوا سريعا عند أول اصطدام ذهني بالفشل في غياب أي تأطير نفسي وسيكولوجي..
طبعا أقدر الحالة التي عليها اليوم خالد العسكري، فالرجل عاش زلزالا نفسيا رهيبا، ولا تستطيع كل رسائل المساندة والدعم والمؤازرة أن تخرجه سريعا وكليا من بحور الدهشة والهلع التي تصيب بالدوار وبالحزن.
وأنصح بأن يترك الرجل قليلا إلى نفسه ومع نفسه، يساعده طبيب نفساني على أن يخرج من الحالة الصدامية ويخرج من حالة الخصام المركب مع نفسه ومعه الآخرين، فأنا على ثقة من أنه رجل مؤمن بما قضاه الله عليه، وما كان صدمة قوية لا يستطيع تقدير خطورتها ووعورتها وما يمكن أن تحدثه من رجات نفسية، إلا من خبر أسرار النفس العجيبة.
-------------------
إن وصفنا تجنيا هذا الذي حدث لخالد العسكري بالجنون، بماذا نصف القرار الذي اتخذه المدرب البرازيلي دوس سانطوس نهاية الأسبوع الأخير، وهو يخبر لاعبيه عقب نهاية الحصة التدريبية أنه سيقودهم لآخر مرة خلال مباراة الوداد الفاسي وبعدها سيرحل من دون ذكر للأسباب.
هل كان دوس سانطوس يجس نبض رئيس الوداد عبد الإله أكرم؟ هل كان يبحث للاعبيه عن علاج بالصدمة؟ أم فقط كان عاقدا العزم على الرحيل بعد أن أعياه المشي ضد الثيار وفوق الجمار؟
لم يكن هناك ما يوحي بأن الوداد عاقد العزم على الإنفصال حالا عن دوس سانطوس، وإن كان قد فتح بهدف «التهويش» ليس إلا جبهات للتفاوض بشكل إستباقي، فما بلغني أن عبد الإله أكرم وبعد التعادل الأبيض مع الجيش، لم يقبل بكل الدفوعات التقنية التي قدمها دوس سانطوس لتبرير ضياع الفوز، ووجه للمدرب البرازيلي توبيخا في صورة تهديد بالفصل، إلا أن ذلك كله لا يمكن أن يكون قد أغضب دوس سانطوس إلى الحد الذي يقترف هذا الخطأ المهني بأن يضع اللاعبين تحت الضغط وهو يخبرهم بعزمه على الرحيل..
ثم يعاود الأمر بعد نهاية المباراة، ولكن هذه المرة ليضع المسيرين الوداديين تحت الضغط، فاستقالة أي مدرب واعتزاله المعركة بدون سابق إنذار تعاقب عليه المواثيق الرياضية، أكثر ما يؤخذ على أنه حالة نفسية من قبيل أن النفس لا تتحمل أكثر مما تطيق..
وسيكون أمرا خطيرا للغاية لو أن ما جعل دوس سانطوس يصر على الرحيل تهديدات تلقاها من طرف جهات معينة محسوبة على الوداد، بعد أن تأكد لها أن البرازيلي لا يتطابق مع حاضر ورهانات الوداد، ودرجة الخطورة هنا في أن الفعل مكرر، فلا أحد يستطيع أن ينسى أن المدرب الزاكي بادو الذي يشار إليه بقوة على أنه عائد مجددا للوداد، كان قد ترك الفريق قبل ثلاث مباريات من نهاية البطولة، وكان طريقه ممهدا وقتها لإحراز اللقب، وما تركه إلا لأنه رفض تعريض عائلته وتعريض نفسه لأي خطر بعد تنامي التهديدات..
لا أريد أن أناقش أهلية دوس سانطوس لأنني إن قلت بأنه ليس رجل المرحلة، فسألقي باللائمة على من جاء به دون أن يتحرى عن هذه الأهلية، ولكنني أنبه إلى خطورة أن تكون هناك جهة متخصصة في نسف أحلام الوداد وزعزعة استقراره.
 

Publicité
Commentaires
Publicité
Archives
Publicité