Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
INARA
24 août 2008

أطفال اليوم في أصيلة المغربية يعيدون ذكريات الماضي

  أطفال اليوم في أصيلة المغربية يعيدون ذكريات الماضي

يسترجع محمد بن عيسى، أمين عام منتدى أصيلة، بدايات موسم أصيلة الثقافي الدولي، مركزاً حديثه على أطفال المدينة، فيقول: «في عام 1978، حين فكرنا في وضع أول ورقة عمل، تحدثنا عن نوعية الحياة، ولم نتحدث عن الغنى. تحدثنا عن نوعية الحياة في التعليم، والتذوق الفني، وفي إبراز وتحفيز القدرات البشرية عند الطفل، لذلك بدأنا من الطفل، بالسهر على صقل مواهبه الفنية».
ستمر ثلاثون سنة من عمر موسم أصيلة، الذي منح صغار وكبار وزوار أصيلة لقاء سنوياً بمضمون ثقافي وفني وإنساني، وسيصير أطفال الأمس، اليوم، رجالا وفنانين، بعد أن خط كل واحد منهم مساره الفني، وفي روحه حنين دائم إلى مرسم الأطفال وإلى براءة الطفولة وروحها الصادقة النقية، وهو المرسم الذي تعلموا خلاله ربط الألوان إلى بعضها، قبل أن يرسموا اللوحات ويلونوا جدران مدينتهم، التي صار اسمها أشهر وأكبر من جغرافيتها.
أنس البوعناني، كان طفلا. هو اليوم فنان معروف. كذلك كان الحال مع يونس الخراز وحسن الشركي وآخرين.
ويستحضر أنس البوعناني، الفنان التشكيلي المغربي، جملة لشارل بودلير، تقول إن «الطفل هو النموذج الأصلي للفنان»، ثم يعود بذاكرته عشرين سنة إلى الوراء، عندما وطئت قدماه بهو قصر الريسوني «قصر الثقافة» حالياً، الرائع بمعماره الأندلسي الأصيل. ويقول: «شاءت الأقدار أن أتقاسم خربشات اللون الأولى مع أطفال آخرين في هذا المكان، وفي حديقة القصر، أيضاً، حيث الفضاء الجميل بأشجاره ونباتاته المختلفة تضفي على مرسم الأطفال سحراً خاصاً لا ينمحي من الوجدان. تبقى لموسم أصيلة الثقافي مبادرة تأسيس أول مرسم للتذوق الفني للأطفال سنة 1979. كلفت بتسييره الناقدة الفنية الايطالية، طوني مرايني، يتعلق الأمر بتجربة فنية، وحلم لاحقنا منذ الطفولة. طفولتنا المتوسطة، حلم بمكان
1279672770للتعلم والإبداع الحر، خارج إكراهات المنطق المدرسي».
كانت لأطفال أصيلة، في ذلك الوقت، حظوة تتبع مراحل إنجاز جداريات فنانين مرموقين والدخول إلى رواق القصبة «مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية» حالياً، ليستمتعوا فيه باللوحات المعروضة، قبل أن يلجوا المرسم ليبدأوا إبحارهم في لعبة التعبير والإبداع. لكن، ماذا نرسم ؟ وكيف نرسم ؟، كان يتساءل الصغار، من أمثال البوعناني، في ذلك الوقت. ويقول البوعناني: كان المشرفون مغاربة وأجانب يقترحون علينا بعض المواضيع، لكن المهم هو أنه بإمكاننا أن نرسم ما نشاء دون قيد أو شرط، نطلق العنان لخيال الطفولة الجامح، نرسم منازل بيضاء، دروب، وجوه، برج القريقية، غروب الشمس على البحر، مراكب، أشكال تجريدية.
مع مرور السنوات اعتاد أطفال أصيلة، والأطفال الوافدون على موسمها الثقافي من مدن مختلفة، من المغرب والخارج، على المرسم الذي أصبح مكانا لتجدد اللقاء بين الأطفال وخلق صداقات جديدة من داخل أصيلة وخارجها، وفضاء لتعلم تقنيات عديدة والتعبير عن مواضيع مختلفة.
«كل عام، كان الموسم ينظم حفلة لأطفال الموسم ومعرضا لأعمالهم الفنية، نشاهد شغبنا البريء وخيالنا الطفولي معلقاً على الجدران فتكتمل فرحتنا ويبدأ أسفنا على انتهاء عمل المرسم وشوقنا إلى موسم ثقافي جديد». هكذا، يتذكر أطفال الأمس أولى حكاياتهم مع ألوان أصيلة وموسمها الثقافي، حيث تتجمع كل عام قبيلة مشكلة من أطفال صغار، يبحثون عن إشباع رغبتهم في حب الاستطلاع: «إنهم مذهلون حين يطرحون أسئلتهم، يعرفون أشياء كثيرة لا ينتبه إليها الراشدون. قد يتهيأ لنا أنهم يتعلمون منا، لكن الواقع شيء آخر: نحن الذين نتعلم منهم. يتكلم هؤلاء الأطفال. تنحل عقدة ألسنتهم.. ينظرون.. يرسمون .. يبحثون .. ويحلمون». تقول بدرية الحساني، المنشطة الثقافية بمرسم الاطفال، قبل أن تضيف: «إنهم سعداء، يكتشفون، يبدعون، يتحركون، يجلسون، يصرخون، يغنون ويبكون .. باختصار: انهم يعيشون ولا يخفون شيئا. حول طاولة ما، سيكون من المروءة أن نتخيل ما يدور في رؤوسهم. أفكار ممزوجة باللون والصباغة ونعومة الورق. يتكلمون عن كل شيء ولا شيء. يتحدثون عن البحر. عن الأصدقاء. عن الورق. عن لون معين. عن قلم رصاص. عن أقنعة. عن أقمشة. عن أحمر الشفاه. عن كرة. وعن عالمهم الخارجي، لكنهم هنا، يتعلمون ويعرضون أحسن ما بداخلهم: الرضى والابتهاج بالحياة، جالسين القرفصاء جنباً إلى جنب، يهيمون أحياناً، وينسون أوراقهم وأقلامهم ليتلامسوا أو يقطبوا وجوههم وأحياناً يرمون بنظرات ساخرة تتجه إلى شيء واقعي أو خيالي. هذا المزيج غير المنسجم، المكون من حب الاستطلاع والرغبة والصباغة والمرح يخلق جواً من ألف ليلة وليلة، ويجعلنا نفكر في شهرزاد صغيرة أو شهريار صغير. أمير صغير وأميرة صغيرة، مبدع ومبدعة، رجل وامرأة يمكن الاعتماد عليهما كثيراً لبناء مستقبل لامع وجيل واعد.أطفال اليوم، في أصيلة، يتعلقون بالألوان ويحلمون بأن يرسموا جداريات في مدنهم. آية الجباري، طفلة عمرها تسع سنوات، جاءت أصيلة من مدينة العرائش، قالت لـ«الشرق الأوسط» بهدوء طفولي، إنها تداوم على المجيء إلى موسم أصيلة، للمشاركة في مرسم الأطفال، منذ ثلاث سنوات، وانها تفرح أكثر حين تضع اسمها على ما ترسمه، وتحلم برسم لوحة كبيرة على حائط مدينتها، كما يفعل الفنانون الكبار في أصيلة. أما الطفل محمد الريسوني، الذي يبلغ عمره أربع سنوات، فيفضل أن يصمت، ويعلن فرحه باللون الأزرق، لأنه لون البحر، كما يقول.
وقال عبد الكريم الزموري إن الموسم استقبل هذه السنة 58 طفلا من أصيلة ومختلف مدن المغرب، بينهم طفلان فرنسيان وآخران من إسبانيا. وانهم يعلمونهم، في المرسم، المبادئ الأولية للرسم من خلال تلقينهم طرق التعامل مع الألوان ومزجها. وأضاف الزموري أنهم اختاروا هذه السنة، موضوع «ورود وفرحة»، وذلك تخليداً للذكرى 30 لموسم أصيلة الثقافي، مشيراً إلى أن سن الأطفال يتراوح بين 3 و 14 سنة.
وختم الزموري حديثه بالقول إن أجمل ما يؤثر فيه هو الفرحة التي يراها كل يوم في وجوه الأطفال.
أما يونس الخراز، الذي كان من بين أطفال الأمس، فيجد متعة في مشاهدة ابنته الصغيرة «ملاك»، التي لم تكمل عامها الرابع، بعد، وهي تتلاعب بالألوان.
ويتذكر الخراز طفولته، فيقول إن مروره من المرسم، شكل بالنسبة إليه نقلة أساسية أثرت في ما تبقى من حياته، قبل أن يضيف، قائلا: «اكتشفت الألوان ومتعة الرسم.. وتعلمت أكثر أن أحلم».

Publicité
Commentaires
Publicité
Archives
Publicité