التقريــــر الختامــــي لندوة حول موضوع:

التقريــــر الختامــــي لندوة حول موضوع:

التأمين الإجباري الأساسي عن المرض- حصيلة و أفاق

ادا كانت التنمية بالمعنى الأكثر عمومية تعني عملية الانتقال من وضعية غير مرغوب فيها إلي وضعية مرغوب الوصول إليها، فإن التنمية بالمعنى الأكثر تحديدا تعني العمل من أجل تنمية الإنسان بواسطة الإنسان لفائدة الإنسان.

و لقد أصبح اليوم الكل مقتنع بأن التنمية الحقيقية و المستدامة لا تكون إلا في حضور إنسان يتمتع بكل حقوقه، و بشكل أساسي الحق في الصحة، لهذا تعتبر مسألة تحسين المستوى الصحي للمواطنين أحد الركائز الأساسية للتنمية الشاملة للبلاد.

     و تحقيقا لهذه الغاية التي أصبحت تشكل مشروع توافق و رهان وطني يتماشى مع المتغيرات الدولية للتنمية، بادرت الدولة المغربية إلي إصدار القانون رقم 65.00 كتشريع يهدف إلي مأسسة تمويل الخدمات المتعلقة بالعلاجات الصحية من خلال إحداث نظامين:

* التأمين الإجباري الأساسي على المرض، يقوم على مبدأ المساهمة و التعاضد في تحمل المخاطر و يوجه لصالح مأجوري و متقاعدي القطاع العام و الخاص.

* المساعدة الطبية، تؤسس علي مبدأ التضامن الوطني لفائدة السكان المعوزين.

و نظرا لتشعب أبعاد هذا الموضوع و لأهميته القصوى، فإن مسألة التغطية الصحية الأساسية شكلت بالمغرب و لمدة طويلة موضوع حوار و نقاش بين الفاعلين السياسيين و مهنيي الصحة و المؤمنين الخواص، و أنجزت في شأنها دراسات و مشاريع متعددة.

      و وعيا منها بأهمية هذا الموضوع ومن أجل الانخراط في النقاش العام الدائر حول هذه المسألة، دعت الكلية المتعددة التخصصات إلى تنظيم ندوة علمية بشراكة مع المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة والمجلس الجهوي لصيادلة الشمال بتطوان يوم 17 مايو 2008 حول موضوع " التأمين الإجباري الأساسي عن المرض" و التي حرصت على أن يساهم فيها خيرة من رجال الفقه و القانون و المهتمين بالموضوع من فاعلين سياسيين و مدنيين و مهنيين في بلادنا، و ذلك رغبة في الوصول ما أمكن لبلورة توصيات و تقديم اقتراحات تكون منطلقا لنشاط فكري و عملي يسعى للمساهمة في التنمية لتحقيق التقدم في هذا المجال و محاولة وضع رؤية أكثر وضوحا و تحديدا لهذه القضايا.

    و لقد قسمت هذه الندوة العلمية إلي جلستين:   

* الجلسة الصباحية التي قدم فيها كل من الدكتور عبد الإله فونتير أستاذ جامعي و مدير الشؤون العامة بالأمانة العامة للحكومة و المكلف بمديرية الجمعيات و المهن المنظمة – مداخلة تحت عنوان '' مبادئ التأمين الإجباري الأساسي على المرض:تأملات في النص و الممارسة ''، و الدكتورة خديجة مسحاق- مديرة الشؤون القانونية و المنازعات بوزارة الصحة مداخلة حول موضوع " المنظومة القانونية المؤطرة لنظام التغطية الصحية"، و الأستاذ مرجان- مدير المقاييس و المعايير بالوكالة الوطنية للتأمين الصحي حول موضوع 'تطور التأمين الإجباري الأساسي عن المرض'،  و الدكتور محمد الأغظف غوتي -رئيس المجلس الجهوي لصيادلة الشمال مداخلة حول موضوع " حصيلة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض:رؤية المهنيين".

* الجلسة المسائية فقد قدم فيها كل من الدكتور طريق السعيد - رئيس الجامع الوطني لأطباء العمل، مداخلة حول موضوع " مفهوم التضامن في قانون التغطية الصحية الأساسية " ، والدكتور محمد بنحساين- أستاذ القانون الخاص بالكلية المتعددة التخصصات بتطوان،مداخلة حول موضوع "المنسيون من مدونة التغطية الصحية الأساسية :مغاربة الخارج"، و الدكتور سعد الركراكي- مدير مصحة مداخلة حول موضوع " مدونة التغطية الصحية الأساسية: إشكالية التطبيق و إكراهات الفاعلين".

     و قد أجمع المتدخلون على أن قانون التغطية الصحية الجديدة ورش ذو أولوية قصوى فيما يخص التنمية ببلادنا، و مدخل أساسي للتنمية الاجتماعية و نقطة مركزية لسياستنا التنموية، كما أكد جميع المتدخلين أن تفعيل مدونة التغطية الصحية الأساسية يشكل قفزة نوعية ذات أهمية بالغة في مجال الحماية  الاجتماعية، كما أنها تندرج ضمن إطار الإصلاحات الكبرى التي تعرفها البلاد و تعتبر مشروعا مجتمعيا ذا أبعاد حضارية فيما يخص التنمية البشرية، و من بين الأهداف الأساسية للتغطية الصحية هو تحسين الولوج إلى الخدمات الصحية و الرفع من حجم تمويل النظام الصحي.

     و قد صدر عن الندوة جملة من التوصيات منها على وجه الخصوص: 

-ضرورة ضمان مجانية الخدمات الصحية.

-ضرورة تحقيق الإنصاف في الاستفادة من الخدمات العلاجية.

-ضرورة انخراط كل الأطراف حكومة و مواطنين و منظمات و فاعلين في عملية إنجاح هذا المشروع الوطني.

-ضرورة التوعية بأهمية التغطية الصحية لتصل إلى علم جميع الأطراف بأساليب متنوعة و مبسطة.

- ضرورة إصدار نص وطني خاص يوفر الحماية لأولئك غير المشمولين بموجب اتفاقيات دولية.